تطالب المنظمة الليبية للإعلام المستقل ومراسلون بلا حدود والمؤسسة الليبية للصحافة الاستقصائية السلطات الليبية الجديدة بوضع إطار تشريعي يحمي حرية الصحافة والحق في الوصول إلى المعلومات.فمنذ اندلاع النزاع المسلح عام 2014، تدهور وضع حرية الصحافة بشكل حاد في ليبيا، حيث تفاقمت باستمرار حصيلة الانتهاكات ضد الصحفيين ووسائل الإعلام على أيدي الجماعات المسلحة المحسوبة على الحكومات الليبية المتعاقبة.
وفي هذا السياق، سُجلت خلال السنوات الست الماضية عدة اغتيالات واعتقالات تعسفية وحالات خطف واختفاء قسري وتعذيب في مراكز الاحتجاز والسجون. وعلاوة على هذه الانتهاكات الجسيمة، تم توثيق العديد من الانتهاكات الأخرى، مثل حملات التشهير على الإنترنت والاعتداءات والملاحقات غير القانونية ومداهمات الشرطة لمنازل الصحفيين وأماكن عملهم، ناهيك عن التهديدات والاستجوابات العنيفة وحالات الابتزاز والتحرش الجنسي وأيضاً تفتيش الهواتف المحمولة عند النقاط الأمنية.
وفي سياق حرب أهلية وانقسامات سياسية، تتم هذه الانتهاكات المتواصلة وأعمال الترهيب والاعتداءات ضد الصحفيين أمام إفلات تام من العقاب، حيث لم يتم إجراء أي محاكمة على أي من الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين أو وسائل الإعلام حتى الآن، علماً أن هذا الانخفاض المهول في حرية الصحافة ترتب عنه تقهقر ليبيا إلى المرتبة 164 على جدول التصنيف العالمي لحرية الصحافة، الذي تصدره مراسلون بلا حدود سنوياً، مما يعني أن البلد أصبح يقبع في أسوأ مرتبة له على الإطلاق.
وبينما تعالت أصوات الحراك الاحتجاجي الليبي مطالبة بمزيد من الحرية والديمقراطية، فإن آلة القمع مازالت تطال حرية الرأي والتعبير والحق في التظاهر السلمي، إلى درجة تبنت معها سلطات ما بعد الثورة ترسانة جديدة من القوانين السالبة للحرية لتنضاف إلى القوانين التي كانت معتمدة بالفعل في ظل الدكتاتورية، إذ مازال الإطار التشريعي الليبي ينص على عقوبة الإعدام في جرائم الصحافة، وذلك في انتهاك تام للإعلان الدستوري الليبي والالتزامات الدولية التي تعهدت بها ليبيا فيما يتعلق باحترام حرية المعلومات.
كما أن غياب قانون يضمن للمواطنين حق الوصول إلى المعلومات ساهم بشكل كبير في استفحال الفساد واستحالة ضمان الحصول على معلومات موثوقة.
إن حرية الإعلام حق من الحقوق الأساسية، إذ لا يمكن إرساء أسس الديمقراطية بدون صحافة حرة ومستقلة وتعددية، كما لا يمكن تحقيق أهداف عملية الخروج من الأزمة الحالية إلا بضمان حرية التعبير وأخذها على محمل الجد من قبل السلطات الليبية